مبعوثة أممية: انعدام الأمن "غير المسبوق" في هايتي يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة

مبعوثة أممية: انعدام الأمن "غير المسبوق" في هايتي يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة
الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في هايتي، ماريا إيزابيل سلفادور

قالت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة المعيّنة حديثا في هايتي، ماريا إيزابيل سلفادور، إن الحالة الأمنية المتدهورة بسرعة في هايتي تتطلب أن تظل البلاد في مركز الاهتمام والعمل الدوليين، وذلك في أول إحاطة إعلامية لها أمام مجلس الأمن.

ونقل الموقع الرسمي لأخبار الأمم المتحدة عن سلفادور قولها: "يتوسع عنف العصابات بمعدل ينذر بالخطر في المناطق التي كانت تعتبر في السابق آمنة نسبيا في العاصمة بورت أو برنس وخارج المدينة، مع زيادة مروعة في الإجرام والانتهاكات، وقوة شرطة غير قادرة على التعامل مع الوضع".

وفي الوقت نفسه، يحتاج ما يقرب من نصف السكان، أي 5.2 مليون شخص، إلى مساعدات إنسانية، وسط وباء الكوليرا المستمر الذي ولد ما يقرب من 40 ألف حالة مشتبه بها منذ أكتوبر.

الوقت عامل جوهري

وحذرت المسؤولة الأممية من أن أي تأخير إضافي في معالجة "انعدام الأمن غير المسبوق" في هايتي قد يؤدي إلى انتشاره في المنطقة. 

وأضافت: "إن الوقت عامل جوهري، وشعب هايتي يستحق عملكم العاجل.. وإذا لم يتم دعمها، فإن الحلقة المفرغة من العنف والأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، التي يكافح فيها الناس كل يوم، ستستمر في الدوران".

وعينت سلفادور في مارس 2023 وتولت منصبها هذا الشهر، وأمضت الأسبوع الأول في الاجتماع مع ممثلي المجتمع المدني، ولا سيما الجماعات النسائية والسلطات الوطنية وكبار المسؤولين الحكوميين. 

قالت: "خلال تبادلاتي وتفاعلاتي الأولية، لاحظت أنه تم رسم طريق للهايتيين للمشاركة في حوار من أجل استعادة المؤسسات الديمقراطية في البلاد.. ومع ذلك، فإن الشعور العام هو أنه سيكون من الصعب المضي قدما دون معالجة فعالة لانعدام الأمن المتفشي". 

عصابات ترهب المواطنين 

كما تمكنت المبعوثة من التنقل في بعض شوارع العاصمة في الأيام الأولى من وصولها، قائلة: "شعرت بالتوتر وأدركت الخوف الذي يعاني منه الهايتيون كل يوم". 

وقالت للسفراء إن العنف المروع في المناطق التي تمزقها العصابات، بما في ذلك العنف الجنسي الذي يستهدف النساء والفتيات بشكل خاص، هو رمز للإرهاب الذي يعاني منه الكثير من السكان. 

وخلال الربع الأول من العام، تم تسجيل 1647 حادثا إجراميا -جرائم قتل واغتصاب وخطف وإعدام خارج نطاق القانون- وفقا لبيانات الشرطة الوطنية الهايتية وبعثة الأمم المتحدة في البلاد، بينوه، التي ترأسها. 

ويعد هذا الرقم هو أكثر من ضعف العدد المسجل خلال الفترة نفسها من عام 2022، وشهد الشهر الماضي أعلى معدلات الحوادث منذ ما يقرب من عقدين. 

قوات الشرطة سيئة التجهيز

وفي مواجهة الوجود المحدود للشرطة أو انعدامه، بدأ بعض السكان في العاصمة في تولي زمام الأمور بأيديهم. وفي هذا الأسبوع، تعرض 13 شخصا يشتبه في انتمائهم إلى العصابة للضرب والحرق حتى الموت على أيدي مجموعة من المدنيين.   

وقالت إنه على الرغم من أن الحكومة تواصل الاستثمار في الشرطة الوطنية الهايتية، إلا أن القوة تعاني من نقص حاد في الموظفين وغير مجهزة للتصدي للعنف والإجرام. 

ومن المفترض أن يكون عدد الضباط في الرتب نحو 14800 ولكن عند الأخذ في الاعتبار الوفيات أو الفصل أو العدد المتزايد من الاستقالات، فإن القوة الحالية تبلغ 13200، مع نحو 9 آلاف فقط يؤدون مهام الشرطة. 

علاوة على ذلك، بالكاد يوجد 3500 ضابط في مهمة السلامة العامة في أي وقت من الأوقات على الصعيد الوطني، وقد توقف التجنيد بسبب تدهور القيود الأمنية واللوجستية.

تقول سلفادور: "أود أن أشدد على الحاجة الملحة لنشر قوة دولية متخصصة، بإذن من مجلس الأمن، على النحو الذي أوضحه الأمين العام في رسالته المؤرخة 8 أكتوبر 2022.. نحن بحاجة إلى إيجاد طرق مبتكرة لتحديد القوة لدعم الشرطة الوطنية الهايتية". 

العنف الجنسي وعمليات الخطف

كما استمر الهايتيون في المعاناة من واحدة من أسوأ أزمات حقوق الإنسان منذ عقود، حيث يتعرض الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة العصابات لأعلى معدل من الانتهاكات. 

وتواصل العصابات استخدام العنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي، لترويع السكان الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها خصومهم وإلحاق الألم بهم. كما أنها ارتكبت أشكالا أخرى من العنف والاستغلال الجنسيين ضد النساء والفتيات اللائي يعشن في مجتمعات خاضعة لنفوذها. 

وقالت سلفادور إن الأطفال هم من بين ضحايا أبشع الجرائم، بما في ذلك القتل والخطف والاغتصاب، لقد أصيبوا برصاصات طائشة أثناء وجودهم في الفصل أو عند توصيلهم إلى المدرسة. 

علاوة على ذلك، اضطرت العديد من المدارس إلى إغلاق أبوابها العام الماضي بسبب العنف والابتزاز من قبل العصابات. على الرغم من إعادة فتح معظمها، إلا أن العديد من الطلاب لم يعودوا، إما بسبب انعدام الأمن أو عدم القدرة على الدفع. 

الاتجار بالأسلحة والمخدرات 

كما استمع المجلس إلى إحاطة من المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة غادة والي، التي قالت إن تدفقات الأسلحة النارية والمخدرات غير المشروعة إلى هايتي تفاقم انعدام الأمن والعنف. 

وكشف تقييم أجرته الوكالة، نشر الشهر الماضي، أن الأسلحة النارية والذخائر المتطورة وذات العيار العالي يتم تهريبها برا وجوا وبحرا إلى بلد محدود السيطرة البحرية ويفتقر إلى مراقبة الحدود.

وفي الوقت نفسه، فإن التحديات التي تواجهها هايتي في مجال إنفاذ القانون ومراقبة الحدود تجعلها مركزا جذابا لمهربي المخدرات الذين يشحنون الكوكايين والقنب بشكل رئيسي إلى الولايات المتحدة وجمهورية الدومينيكان وأوروبا الغربية. 

وقف التدفقات غير المشروعة 

وقالت المسؤولة الأممية: "يحتاج المجتمع الدولي والشركاء المستثمرون إلى تطوير ودعم إجراءات شاملة واسعة النطاق على وجه السرعة لمساعدة إنفاذ القانون وإدارة الحدود، لمنع التدفقات غير المشروعة والمساعدة في استقرار الوضع".

وأشارت "والي" إلى أن المجلس شدد مرارا وتكرارا على أهمية بناء قدرات الشرطة الوطنية الهايتية، بما في ذلك وحداتها المتخصصة المعنية بالحدود والمخدرات والأسلحة النارية. 

وشددت أيضا على الحاجة إلى زيادة الاستثمار في أعمال الشرطة المجتمعية وإصلاح العدالة الجنائية لمكافحة الفساد وغسيل الأموال. 

وقالت: "تعتمد الأسواق السوداء على الفساد وشبكات المحسوبية لتزدهر، مع وجود شبكة معقدة من الجهات الفاعلة العامة والخاصة المتورطة في الاتجار، في حين يؤدي الفساد في قطاع العدالة الجنائية إلى الإفلات من العقاب". 

وشددت: "لا يمكن تحقيق الظروف اللازمة لعملية سياسية تؤدي إلى السلام إلا عندما تتوفر لهايتي المؤسسات والقدرات الفعالة على مواجهة هذه التحديات".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية